التثقيف بجانب البحر خلال عطلة نهاية الأسبوع
هل تريد اكتشاف مدينة أسطورية ألهمت العديد من الفنانين؟ لماذا لا تكتشف أو تعيد اكتشاف طنجة ومناظرها الرائعة. بفضل حياتها الثقافية الوفيرة، أنشطتها البحرية ومتعة تذوق أطباقها، فرضت جوهرة البوغاز نفسها كوجهة ساحرة للغاية ضمن مذكرة ووجهات السفر في المغرب.
تشتهر طنجة بنمط حياتها الهادئ والمريح، لذلك فقد جذبت العديد من الفنانين، الرحالة والمفكرين على مر القرون: ابن بطوطة، ديلاكروا، ماتيس، غاودي، وكذلك لطفي أقلعي، الطاهر بن جلون ومحمد شكري. حاليا، لم تعد طنجة فقط مكانا يجذب المثقفين والفنانين الذين يعيدون بعث الحياة في ثقافتها من خلال تجديد إبداعي حقيقي، إنما هي أيضًا مدينة حديثة حققت تطورا كبيرا وهائلا. يمكن الوصول إليها في ظرف ساعتين انطلاقا من الدار البيضاء وفي غضون ساعة واحدة فقط من الرباط بفضل خط البراق، القطار السريع (LGV)، والذي يعد محركا حقيقيا للنمو الاقتصادي في البلاد. تعتبر المدينة بوابة الأوروبيين نحو إفريقيا من خلال مينائها “طنجة المتوسط” المصنف كأكبر ميناء تجاري في القارة.
ستكتشف أيضا بين القصبة والمدينة الجديدة أحياء أصلية، معارض فنية وشواطئ رملية ستجعلك تشعر أيضا بالحيوية مع حلول ساعات المساء وبداية نزول الظلام. إنها باختصار مدينة فريدة بين الشرق والغرب ينبغي التعرف عليها بالتأكيد.
للبدء في رحلتك بطنجة، انطلق من ساحة 9 أبريل المعروفة باسم “السوق الكبير”، وهي القلب النابض للمدينة حيث يمكنك التوقف عند سينما الريف القديمة الذي تحولت مؤخرًا إلى سينماتيك طنجة (سينما طنجة). ستجد نفسك بعد ذلك تائها وسط أزقة المدينة القديمة، بعد ولوجها من أحد بواباتها الرئيسية الثلاثة. اختر الشارع المركزي إيطاليا الذي سيقودك مباشرة إلى حيث تصطف المتاجر والمحلات، بين التي تعرض الأعشاب ومعارض للتسوق تسلط الضوء على الحرف اليدوية المغربية وتوليها أهمية كبيرة. إنها الفرصة المناسبة للتسوق وشراء بعض الحاجيات التي تعرض هنا، كالوسائد المطرزة، أغطية الموائد، المناديل أو مختلف أنواع السلال المعروفة كثيرا في هذه المنطقة. هل ترغب في تناول وجبة خفيفة؟ لا تنس أن تتذوق حلوى النوجا المحلية لذيذة المذاق في أحد المحلات الأصلية داخل المدينة. واصل جولتك لزيارة قبر ابن بطوطة. خلال وقت الغداء، ينصح كثيرا بالتوقف للاستمتاع بجلسة في ساحات مطاعم الأسماك النموذجية في المدينة.
لأخذ قسط من الراحة في مساحة خضراء، توجه للتنزه في حدائق المندوبية التي تقع غير بعيد عن المدينة القديمة. جوهرة خضراء تتوفر على أشجار يتجاوز عمرها مئة عام، فيما تتشابك وسطها أشجار التين والنخيل مع مدافع من القرن السابع عشر. يأتي الناس إلى هذا المكان للمشي والراحة وأيضا لممارسة الرياضة. تقدم في سيرك حتى تصل كنيسة القديس أندرو التي بناها البريطانيون عام 1880، ثم اكتشف طرازها المعماري الأندلسي-المغربي وبرج جرسها الذي شيد على شاكلة مآذن المدينة. توجه بعد ذلك إلى متحف المفوضية الأمريكية القديمة في طنجة الذي يقع بجوار المقبرة العبرية (اليهودية). تم تحويل هذه البناية الساحرة التي تؤرخ وتذكر بالعلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والمملكة الشريفة إلى مركز ثقافي يضم متحفا ومكتبة متخصصة في دراسة اللغة العربية. واصل مسار جولتك بالصعود إلى ساحة المشور المطلة على المدينة القديمة بأكملها. بمجرد الوصول إلى هذه الساحة، من المستحيل عدم زيارة قصبة المدينة العتيقة، بمتحفها وأسوارها التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر. استمتع بأحد أجمل المناظر البانورامية للمدينة.
خلال نزولك، توجه نحو المدرجات الأسطورية لـمقهى الحافة الذي بني سنة 1921 وتم تجهيزه فوق منحدر يطل على الساحل البحري. كان قد مرّ من هذا المكان عدد كبير من مشاهير العالم مثل جيمي هندريكس، شون كونري والكاتب بول بولز، وما يزال يحتفظ بزخرفته القديمة وزبائنه الذين يأتون من جميع أنحاء العالم. يمكنك الجلوس على إحدى شرفاته لاحتساء الشاي بالنعناع المشهور في طنجة. أثناء النزول من المدينة القديمة عبر شارع باستور، توقف عند مكتبة الأعمدة التي تأسست عام 1949. تعتبر مكانا رفيعا جدا للثقافة يحبه عشاق طنجة.
واصل زيارتك في المدينة الجديدة وتوقف في ساحة فارو المعروفة أيضًا باسم سور المعكازين. تصطف على “شرفة المعاكيز” هذه عدد من المدافع وتوفر إطلالة رائعة جدا على المدينة والبحر الذي يظهر في الأفق. وأنت تسير عبر الأزقة والشوارع المجاورة لهذا المكان، لا تتردد في طرق أبواب المكتبات الأسطورية التي تذكر بمدى ارتباط طنجة القوي بالأدب. عند حلول الليل، تكون الفرصة مثالية للغاية لعيش تجربة المدينة القديمة تحت أضواء النجوم، من خلال البحث عن أحد الرياضات التي تتميز بأجوائها الحميمية ودفئ سحرها الجميل لتناول وجبة عشاء رومانسية. سيكون في البرنامج الذي ينتظرك فيها: أجواء هادئة، أكلات راقية وشرفات بانورامية تطل على المدينة وعلى مضيق جبل طارق.
لا تفوت: يمكنك قضاء فترة ما بعد الزوال في التسوق، حيث أن القصبة ممتلئة بالمحلات الصغيرة لمصممي الأزياء وورشات الإبداع التي يقوم أصحابها بالتفنن في الجمع بين التقاليد والحداثة بمهارة كبيرة. إنها الفرصة للذهاب من أجل الاطلاع والتعرف على الإبداع المغربي المعاصر.
بعد التنزه في أزقة مدينتها القديمة، لا يمكنك زيارة طنجة دون الاستمتاع بشاطئها. توجه عبر ساحل المدينة حتى تصل إلى منتزه شارع محمد السادس، كورنيش يقابل البحر تتواجد على طوله العديد من المطاعم والمقاهي، يمكنك أن تأخذ في واحدة منها استراحة شهية خلال حلول وقت الغذاء. هناك، يتم التنزه وسط النهار، السباحة في شاطئ مالاباطا والتسوق غير بعيد عن شارع إسبانيا، كما يمكنك خلال المساء الاستمتاع بملاعبها الخاصة بكرة السلة واللعب في فضاء التزلج. المكان الأبرز الذي يلتقي فيه شباب طنجة.
للاستمتاع أكثر بحلم الغوص في البحر إلى أبعد مدى، اسلك الطريق المؤدية إلى شاطئ كاب سبارطيل، المعروف بكونه نقطة التقاء البحر الأبيض المتوسط مع المحيط الأطلسي. على بعد مسافة حوالي ثلاثين دقيقة من طنجة، ستكتشف سلسلة من الشواطئ الرائعة التي تمتد على نحو 7 كيلومترات على طول الخليج. ينتظرك في برنامج هذه الجولة: مساحات شاسعة من رمال ناعمة وخلجان طبيعية صغيرة. فسحة مميزة ستنعم بها وأنت في هذا الساحل المتواجدة به بعض المطاعم التي تتميز بأجواء مريحة وتعرض وجبات غداء شهية ستتناولها قبالة البحر مع مزيج لذيذ من النكهات المتوسطية والتأثيرات الإسبانية على عدد من الأطباق، خاصة الأسماك والتي تتنوع بين البايلا والمأكولات البحرية.
خلال فترة ما بعد الزوال، عد بالزمن إلى الوراء من خلال زيارة لـمغارات هرقل، وهي كهوف من الحجر الجيري الطبيعي تشتهر بكونها استضافت الشخص الذي فصل قارتين بضربة بسيطة، وفق ما تحكيه الأسطورة. داخل هذا الكهف، يظهر المد المنخفض فتحة مميزة تذكر بالشكل المقلوب للقارة الأفريقية. غير بعيد عن هذا المكان، تتواجد الخلجان الصغيرة لشاطئ سيدي قاسم (شاطئ با قاسم)، والخلجان الهادئة للساحل الذي يطلق عليه اسم دي سول (“الشمس” باللغة الإسبانية) والذي يحظى بدوره بإقبال كبير من قبل ساكنة طنجة. وأنت في طريق العودة، اعبر محمية كاب سبارطيل الطبيعية وتوقف عند متنزه بيرديكاريس الساحر لزيارة حدائقه النباتية. هناك مكان أخير يستحق الزيارة قبل حلول المساء والعودة لتغيير ملابسك ، حيث تشتعل فيه أضواء طنجة وتستنير بألف ضوء تهتز على إيقاعها لياليها. قم بنزهة ممتعة فوق إحدى عوامات المرسى، أو جولة بين مطاعمها الراسية قبل الانطلاق لاستكشاف الأماكن العصرية في المدينة وقضاء أمسية مميزة بصحبة شريكك أو مع الأصدقاء تحييها فرقة موسيقية أو دي دجي( DJ)، عش حلم طنجة حتى الساعات الأولى من الصباح.
لا تفوت:
على بعد كيلومترات قليلة من وسط المدينة، وبالصعود إلى منطقة سيدي المصمودي المعروفة باسم حي “الجبل الكبير”، تتواجد مؤسسة التصوير الفوتوغرافي الحديثة. تم تدشينها سنة 2018، وتهدف لدعم التصوير الفوتوغرافي المعاصر المغربي والذي من المؤكد أنه سيجلب قلوب عشاق الفن وسيعجبهم كثيرا.
على غرار شقيقه الأكبر “السوق الكبير”، يتواجد السوق الصغير الذي يسمى أيضا بـ“سوق تشيكو” يرتاده المقربون منه، وهو مكان جميل للغاية تصطف على جنباته مطاعم ومقاهي قديمة جدا. يمكن التجول هناك في أي وقت من ساعات اليوم بالسير عبر أزقته العريقة في التاريخ وأجواء تطبعها لمسات عالمية. استمتع بتناول كأس من عصير البرتقال الطازج وتعرّف على تجار هذا المكان الذي يعرضون تحفا تمثل مجموعات فنية نادرة جدا سيسعدهم أن يتحدثوا معك بشأنها بكل شغف. هنا، الأشياء بدورها تروي قصة وتاريخ المغرب وإفريقيا.
إذا كان لديك يوما إضافيا توجه إلى أصيلة، الوجهة الفنية المميزة. تقع هذه المدينة الفريدة والساحرة التي تحدها شواطئ كبيرة على بعد أقل من 50 كيلومترًا جنوب مدينة طنجة، وهي الوجهة المثالية لرحلة إلى البحر لمدة يوم كامل. يمكنك اكتشاف مدينتها القديمة التي تحيط بها أسوار وبوابات شيدت في القرن الخامس عشر من قبل البرتغاليين الذين استقروا بالمنطقة، كما يمكنك الاستمتاع بالمعارض التي تعرض عددا من الأعمال الفنية المشهورة بهذه المنطقة. ستصادف بالتأكيد خلال تجولك بالمدينة العديد من الجداريات التي تزين أزقتها وشوارعها.
تشتهر أصيلة على مستوى جميع أنحاء العالم بموسمها الثقافي الدولي. حدث مخصص للثقافة يعطي اهتماما كبيرا للفنون التشكيلية، الفولكلور والأدب. يتم خلاله تنظيم مؤتمرات، معارض وحفلات موسيقية بكافة أنحاء المدينة.
لا تنس أن تضع في برنامجك أيضًا زيارة قصر الريسوني الذي تم بناؤه في بداية القرن العشرين على يد قرصان أعجب بالقلعة، والتي أصبحت حاليا مركزا ثقافيًا. وتعتبر أصيلة أيضا محطة توقف للاستمتاع بالبحر وتذوق منتجاته. فبالإضافة إلى اللحوم المشوية والأطباق المقلية للأسماك التقليدية، هناك أيضا العديد من أشكال البايلا الأندلسية التي تزين موائد المدينة. عندما يحين وقت احتساء شاي (المساء)، أحسن مكان للاستمتاع به هو جلسة في شرفة أو ساحة إحدى المقاهي النموذجية التي لا تزال تجتذب العديد من الفنانين، الموسيقيين، الكتاب والرسامين. يمكنك كذلك اكتشاف الشواطئ الرائعة شبه المعزولة لأصيلة. إذا كنت ترغب في تمديد تجربة تجوالك بالمدينة قليلا، فلا تنس الذهاب إلى شاطئ “كهوف الحمام” للاستمتاع ببعض الأمواج، ركوب جيت سكي أو ركوب ألواح التجديف.