48 ساعة في تافراوت،
عطلة نهاية أسبوع في الطبيعة والتقاليد، بين الجبال والوديان

ماذا لو استمتعت بعطلة في قلب وسط الطبيعة، بين الجبال وأشجار اللوز المتفتحة؟
لعل أفضل مكان للقيام بذلك هو منطقة تافراوت، المتواجدة بالأطلس الصغير، على بعد 170 كيلومترا جنوب شرق أكادير. تزخر تافراوت والمناطق المجاورة لها بالعديد من المؤهلات، تتنوع بين القرى الأمازيغية التقليدية، الواحات، المضايق، الوديان والمناظر الطبيعة التي ستمنحك فرصة الاختيار بين ممارسة العديد من الأنشطة المختلفة والاستمتاع بها في الهواء الطلق. فسواء توجهت إلى وادي أملن أو إلى آيت منصور، فالمنطقة تزخر بمناظر طبيعية تخضع للحماية إلى حد كبير، ستستمتع فيها بأنشطة متنوعةمثل ركوب الدراجات الهوائية VTT في الجبال أو التسلق. إنها الوجهة المفضلة كذلك لدى محبي التاريخ بفضل تواجد العديد من النقوش الصخرية بها.

أخيرًا، سيسمح لك السوق والتعاونيات المتواجدة في المدينة باقتناء المجوهرات، النعال والبلاغي أو الزرابي التي صنعت تبعا لخبرة ومهارات الأجداد القدماء. توفر تافراوت ظروفا عديدة لخوض تجارب فريدة من نوعها يمكن الاستمتاع بها مع الأصدقاء أو برفقة العائلة لقضاء عطلة نهاية أسبوع مليئة بالمتعة والاسترخاء.

اليوم الأول

حافظت تافراوت على هندستها المعمارية الأصيلة المتميزة ومبانيها التقليدية الشاهدة على الخبرة العريقة التي تتميز بها القبائل الأمازيغية. سترى، خلال زيارتك للمدينة، مباني إكوادر (مخازن محصنة للحبوب الجماعية أو قلاع الحبوب) وبنايات المدرسات. لا تفوت الفرصة كذلك لزيارة قصبة تازكة (توغنج) التي صنفت ضمن التراث الثقافي الوطني. تقع هذه القصبة على بعد كيلومتر واحد فقط من وسط مدينة تافراوت، وتضم وسطها منزلا أمازيغيا عريقا جدا تم بناؤه باستخدام تقنيات ذاك العهد من الزمن. لا تنس أثناء مغادرتك للقصبة الاستمتاع بمشاهدة “غزال تازكا”، وهي لوحة صخرية رائعة تقع غير بعيد عن المكان.

بعد تناول وجبة الغداء، التي يمكن أن تتكون على سبيل المثال، من طاجين بالبرقوق واللوز، مرفوقا بالخبز الأمازيغي التقليدي المعروف هنا باسم “تافرنوت” (يتم طهيه في فرن بلدي من الطين)، واصل جولتك بالتوجه إلى قرية تهالة الواقعة على بعد 14 كيلومترا من تافراوت. ستستمتع في هذه القرية بالمنحوتات الصخرية التي تتواجد على طول النهر الذي يحد القرية، كما يمكنك أيضا زيارة المقبرة اليهودية القديمة أو الذهاب إلى السوق التقليدي للمنطقة الذي يقام كل يوم أحد.

يمكنك، خلال مناسبات الأعياد، حضور أداء واحدة من الفرق الفولكلورية الشعبية المعروفة بالمنطقة واكتشاف سجلها ورصيدها الهائل من الأغاني والرقصات الأمازيغية التقليدية.

واصل رحلة اكتشاف المنطقة بالمرور عبر منطقة وادي أملن، على متن السيارة أو على الدراجة الهوائية. تقع هذه المنطقة في وادي يتواجد في قلب سلسلة جبال الأطلس الصغير، وتحتضن حوالي عشرين دوارا يصطف بعضها تلوى الآخر في حقل شاسع من أشجار النخيل تقطعها من حين لآخر فسحة ضوئية مذهلة. تعتمد قرية أملن الأمازيغية، التي تستقر على جانب الوادي، بالأساس على زراعة الحبوب وعلى عدد من أشجار الفاكهة. التين، اللوز، أركان، الزيتون… ومع انطلاق تفتح الأشجار عند حلول شهر فبراير من كل سنة، فإن حقول أشجار اللوز تكون مصدرا لبهجة ومتعة العين كما تنبعث منها روائح جميلة جدا.

لا تفوت: توقف أثناء طريق عودتك إلى تافراوت في قرية أغرض أوضاض للاستمتاع بملاحظة من بين أشياء أخرى، “قبعة نابليون”. وهي صخرة عالية مائلة بشكل يشبه إلى حد كبير قبعة الإمبراطور الفرنسي الشهير. تطل هذه الصخرة على القرية من فوق وعلى طبيعتها الخضراء الخلابة، وتعتبر من أهم المواقع للتكوين في المجال الصخري على مستوى المملكة.

اليوم الثاني

ابدأ يومك الثاني بالانغماس في سوق تافراوت. تشتهر المنطقة بالنعال والبلاغي ذات الجودة العالية، وكذلك بالإبداع في مجال الزرابي الأمازيغية المتميزة بتعدد الألوان. كما ستجد فيها بوفرة لباس الحايك أسود اللون، وهو لباس طويل يتم إعداده من الثوب ترتديه نساء المنطقة. إذا كنت تبحث عن المنتجات المحلية، فستجد كميات كبيرة جدا من أملو، زيوت الأركان، اللوز الحلو وزيت الزيتون التي تعرضها تعاونيات كثيرة في تافراوت. بعد التسوق وشراء ما تحتاجه، اذهب إلى الصخور الملونة التي تقع على بعد بضعة كيلومترات فقط من المدينة. فقد أصبحت هذه الأحجار، المغطّاة باللون الأزرق من قبل الفنان البلجيكي جان فيرام سنة 1984، واحدة من الأماكن التي تستأثر بالاهتمام وحب الاستطلاع في المنطقة.

بعد حلول فترة ما بعد الزوال، ابتعد عن الوادي قليلا واتجه لاستكشاف مضايق آيت منصور. تقع هذه الأخيرة ناحية الجنوب في نهاية طريق متعرجة على بعد حوالي 30 كيلومترا جنوب تافراوت، وفيها ستكتشف نباتات بكثرة ووادي شاسع جدا لونه يتنوع بين الوردي والبرتقالي، تحيط به أشجار النخيل وأنواع أخرى من أشجار الفاكهة. تزخر هذه الواحة الجبلية المحمية بمنظر طبيعي ساحر وخلاب، فإذا كنت تقود سيارتك، اسلك “الحلبة الرائعة” التي تمتد على أكثر من 50 كيلومترا من المسارات عبر الوادي. سوف تكتشف هناك سلسلة من القرى الصغيرة المتميزة بمنازلها التقليدية وقصرها الذي شيد فوق الجبل. أخيرا، إذا كنت مهتما بعصور ما قبل التاريخ، فقم بزيارة إلى Okklas Plateau (هضبة أوكلاس)، برفقة أحد المرشدين المعتمدين، فالمكان يزخر فعلا بالعديد من لوحات الكهوف القديمة.

توقف أثناء عودتك إلى تافراوت في قرية أومسنات التي تقع على بعد 7 كيلومترات من المدينة. قم بزيارة المنزل التقليدي الواقع في بناية ذات هندسة معمارية محلية خالصة، وفيه يمكنك رؤية العديد من الأدوات والأشياء القديمة التي يستخدمها السكان الأمازيغ، كما يمكنك التعرف من خلالها على عدد من أساطيرهم. مع حلول وقت المساء، عد إلى مدينة تافراوت وشاهد لحظات غروب الشمس من فوق الوادي الوردي بينما تستمتع بكأس شاي: لحظة فريدة من نوعها استمتع بمشاركتها مع العائلة أو مع رفيق/ة الدرب.

لا تفوت: وأنت في الطريق المؤدية إلى أكادير، لا تفوت فرصة زيارة صخرة “رأس الأسد” المتواجدة على إحدى واجهات جبل الكيست.

المكان المفضل لدى هيئة التحرير

يتواجد قصر تيزوركان فوق قمة جبال الأطلس الصغير، بين آيت باها وتافراوت، ويطلق عليه أيضا اسم قصبة تيزوركان. تتكون هذه القرية القديمة، المحصنة بشكل جيد، من حوالي خمسين منزلا يحيط بها سور دائري، فيما يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث عشر. بفضل تموقعها على قمة كتلة صخرية وارتفاع يصل 1150 مترا تقريبا، فقد تمكن سكانها على مر السنين من الدفاع عن أنفسهم ضد أية هجمات محتملة. يوفر موقع القصبة بانوراما رائعا للغاية من أعلى الوادي الذي يحيط بالقلعة. للوصول إلى هناك، سيتعين عليك أولا صعود درج ضخم قبل المرور من باب كبير وبرج المراقبة الخاص بالقلعة. من هناك، يمكنك التجوال بين المساكن التي تم تجديد معظمها مع المحافظة على الشكل والتقنيات التي بنيت عليها في الأصل.

إذا كان لديك يوما إضافيا…

إذا كان لديك يوما إضافيا في وقتك بالمنطقة، فانطلق لاكتشاف مدينة تيزنيت والمناطق المجاورة لها والتي تتواجد على بعد مئة كيلومتر شمال غرب تافراوت. تأسست هذه المدينة سنة 1882 على يد السلطان مولاي الحسن الأول، وتتوفر على سور طويل يحيط بمدينتها القديمة التي تتميز بالحيوية والنشاط. ستكتشف في قلب المدينة القديمة لتيزنيت العين الزرقاء “المنبع الأزرق” الذي تعتبر سبب إنشاء المدينة في الأصل وكذا أحواضها التي بنيت من الحجر. تشتهر تيزنيت أساسا بأشغال صناعة وصيانة الحلي والمجوهرات، ولا تزال إلى اليوم تضم العديد من أسواق ومحلات بيع المجوهرات. سوف تجد هناك على وجه الخصوص أعداد من العملات الفضية، مثل تازرزيت والخلالة الأمازيغية الشهيرة التي تعد فخرا للمعلّْمات اللواتي يصنعنها في المنطقة.

حقوق النشر © المكتب الوطني المغربي للسياحة، 2022