طبيعة، تاريخ وتقاليد أمازيغية في قلب الأطلس الكبير
هل تبحث عن الهواء النقي في الجبل وتريد أن تكون وجها لوجه أمام الطبيعة؟ ماذا لو انطلقت لاكتشاف منطقة أصيلةٍ، سخية ومضيافة؟
تتميز منطقة تافراوت بتوفرها على مؤهلات عديدة، منها صخور الكرانيت وردية اللون، أشجار اللوز المزهرة، بساتين النخيل ومضايق خصبة توفر السعادة لمن يبحثون عن وجهة في قلب الطبيعة. كما تزخر المنطقة بمؤهلات طبيعية فريدة من نوعها سيفرح بها الصغار كما الكبار، مثل صخرة الأسد، “قبعة نابليون”، الصخور المرسومة والنقوش الصخرية التي يعود تاريخها إلى آلاف السنين. تحيط بالمدينة العديد من القرى المتفردة بنمط حياة وأسلوب عيشٍ يعود إلى قرون من الزمن، فيما توفر مناظرها الطبيعية التي تتنوع بين الجبال والوديان، الأجواء المثالية للمشي على مسافات طويلة، ركوب الدراجات أو التسلق. أما في ما يتعلق بالحرف، العمارة التقليدية والمنتجات المحلية، فالمدينة مازالت تقدّر إلى حدود يومنا هذا التقاليد الأمازيغية العريقة، حيث تحتفي بها وتسعد بمشاركتها مع الزوار وتعرفيهم بها!
يعود تأسيس مدينة تافراوت إلى القرن الحادي عشر، وتتواجد في موقع يصل ارتفاعه 1200 متر في قلب منطقة أملن بجبال الأطلس الكبير. بالإضافة إلى النباتات الرائعة ( منها أشجار الزيتون، أشجار النخيل وأشجار اللوز) التي تزخر بها المنطقة والتي تتيح لأهلها كسب مواردهم من الفلاحة، فالمدينة تشهد تنظيم مهرجان اللوز السنوي الذي يجمع الآلاف من الزوار ويجذبهم من جميع أنحاء المملكة. يسلط هذا الحدث الضوء على ثقافة وأرض منطقة تافراوت التي تحيط بها وديان مزدهرة.
تقع قرية أداي على بعد 3 كيلومترات من مدينة تافراوت، وتتميز بمنازلها التي شيدت من الطوب اللبن على منحدر تلي. يتواجد في قلب الصخرة مسجد أحمر اللون، صغير الحجم، يتميز بهندسته المعمارية الحديثة. من السهل تسلق صخور الكرانيت وردية اللون لإلقاء نظرة عن قرب على أشكالها المدهشة بكل المقاييس. ستستمتع هناك أيضا بإطلالة بانورامية جميلة شاملة للقرية ومحيطها وللوادي المتواجد في الأسفل والمحيطة بجنباته أشجار النخيل واللوز.
اكتشف المدينة التي يحظى فيها شجر اللوز بمكانة مرموقة! تعود ممارسة نشاط زراعة اللوز في منطقة تافراوت لعدة قرون، وذلك راجع إلى انخفاض كمية المياه بالمنطقة وقدرة هذا النوع من الشجر على مقاومة الجفاف. كما تتواجد بالمنطقة العديد من جمعيات المنتجين وتعاونيات فلاحية تنتج ما يقرب من 1600 طن سنويا من الجوز (الكركاع) المعروف الذي يمكن أن تجده على الموائد بجميع أنحاء المملكة. يتم تناول هذه الفاكهة إما نيئة أو مطحونة، حيث تمزج في أملو أو في شكل زيت للاستهلاك. وبدوره، يحظى أملو بشعبية كبيرة في المنطقة (وهو خليط من زيت أركان مع العسل – ينتج أيضا في المنطقة- واللوز) ويؤكل بشكل أساسي خلال وجبة الإفطار وأحيانا على شكل وجبة خفيفة حلوة. يقدم بمنطقة تافراوت مرافقا كذلك لأكلة الكسكس التقليدي!
فيما يتعلق بالأكلات المالحة، يقوم السكان المحليون بإعداد طواجن من اللحوم، الفواكه واللوز المحمص. وهناك أطباق معروفة بالمنطقة يتم إعدادها أيضا بالارتكاز على الحبوب، مثل أكلة تاغولا (دقيق القمح المسلوق) وبركوكس، وهو سميد سميك ممزوج بالخضر واللحوم. أما خلال مناسبة رأس السنة الأمازيغية، فالطبق الرئيسي الذي يتم تقديمه للاحتفاء بهذه المناسبة هو أوركيمن. وهو عبارة عن خليط من الفول، الفاصولياء الجافة، العدس والحمص المسلوق، حيث يتم خلط هذه المكونات كلها مع توابل وبهارات في وعاء نحاسي قبل وضعه فوق نار الحطب ليتم طهيه لساعات.
يعتبر الموقع المعروف باسم رأس الأسد من بين أكثر الأماكن المثيرة للدهشة في منطقة تافراوت، لذلك لا ينبغي التردد في زيارته! يتواجد الموقع في منطقة أملن على قمة أحد مرتفعات جبل الكيست، ويظهر ملامح وجه رأس أسد تم نحته في صخرة كبيرة تقع في هذه القمة. بعد الخروج من تافراوت، اسلك الطريق المؤدية باتجاه مدينة أكادير للاستمتاع برؤية هذا المكان المتميز. تكوَّن هذا المشهد بشكل طبيعي ويكون أكثر وضوحا في توقيت ما بعد الزوال مباشرة، حيث بفضل لحظات تبادل الضوء والظل تكون ملامح رأس ووجه ملك السافانا أكثر وضوحا وجليا.
توجه إلى مكان أسطوري متميز لالتقاط صور ستبقى خالدة: الصخور الملونة بتافراوت! تم إنشاء هذا الشكل الفني المميز ما بين سنتي 1984-1985 من قبل الفنان البلجيكي جان فيرام، وذلك في مكان قريب من دوار أغرض أوضاض الذي يتواجد على بعد 5 كيلومترات فقط من تافراوت. تبدو هذه الصخور في منظر مهيب مكسوة باللون الأزرق (مع بضع لمسات من الأصفر، الوردي والأخضر)، وتتناقض مع المناظر الطبيعية الصحراوية التي تحيط بمكان تموقعها. تدعو هذه الصخور متعددة الألوان المسافر والزائر إلى الدخول في عالم خيالي فريد.